في اليوم الرابع بالتوقيت المحلي، أعرب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن معارضته الشديدة لقانون الرقائق في خطاب مشترك أمام الكونغرس الأمريكي، مطالباً بإلغاء التشريع. وقال: “نحن نوفر مئات المليارات من الدولارات في شكل إعانات، لكنها بلا معنى”، مؤكدًا: “يجب أن نقضي على كل شيء يتعلق بقانون الرقائق.” وأكد أن بدلاً من تقديم الإعانات للشركات، سيكون من الأنسب فرض تعريفات جمركية مرتفعة لتحفيز التصنيع المحلي في الولايات المتحدة. ويتناقض هذا الموقف مباشرة مع التشريع الذي قدمته إدارة بايدن في عام 2022 لتعزيز تنافسية صناعة الرقائق الأمريكية.
من المحتمل أن يكون لتصريحات ترامب تأثير كبير ليس فقط على مصنعي الرقائق الأمريكيين بل أيضاً على سلسلة التوريد العالمية للرقائق. فقد هدفت الحكومة الأمريكية من خلال قانون الرقائق إلى توسيع الإنتاج المحلي واستقرار سلسلة التوريد العالمية، ولكن إذا تم إلغاء هذا القانون، فسيتعين على الشركات حتمًا تعديل استراتيجياتها. حاليًا، ترتبط صناعة الرقائق ارتباطًا وثيقًا بمجموعة متنوعة من التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، والقيادة الذاتية، والجيل الخامس، ومن المتوقع أن تكون التأثيرات المترتبة على تغييرات السياسة كبيرة.

كما يمكن أن تؤثر تعليقات ترامب بشكل كبير على الشركات الكورية الجنوبية لصناعة الرقائق، بما في ذلك سامسونج إلكترونيكس وSK هاينيكس. حيث تقوم سامسونج إلكترونيكس حاليًا ببناء مصنع للرقائق في تايلور، تكساس، باستثمار يقارب 37 مليار دولار، بينما تسعى SK هاينيكس أيضًا لتنفيذ خطط استثمار لمرافق الإنتاج في الولايات المتحدة. وكان من المتوقع أن تتلقى هذه الشركات مستوى معينًا من الإعانات من الحكومة الأمريكية، ولكن إذا عاد ترامب إلى السلطة، فقد يتم وقف هذا الدعم.
إذا ألغت الحكومة الأمريكية قانون الرقائق وطبقت سياسة تعريفات جمركية مرتفعة، فستواجه الشركات الكورية الجنوبية لصناعة الرقائق أعباءً كبيرة في الحفاظ على الإنتاج في الولايات المتحدة. وستزيد حتمًا تكاليف الاستثمار الإضافية ومخاطر التشغيل، مما يستدعي تعديل استراتيجيات الأعمال. وعلى وجه الخصوص، بما أن سامسونج إلكترونيكس وSK هاينيكس يلعبان دورًا حيويًا ليس فقط في السوق الأمريكي بل أيضًا في سلسلة التوريد العالمية للرقائق، فقد تؤثر تغييرات السياسة الأمريكية ليس فقط على عملياتهما في الولايات المتحدة، بل على استراتيجيات الصناعة الشاملة لهما.
وعلاوة على ذلك، إذا كثف اتجاه سياسة ترامب من النزاعات التجارية مع الصين، فقد يتغير أيضًا بيئة التصدير للشركات الكورية الجنوبية للرقائق إلى الصين. فقد فرضت الولايات المتحدة بالفعل قيودًا على صادرات الرقائق إلى الصين، وهناك مخاوف من أن يتم تشديد هذه القيود بشكل أكبر. ونتيجة لذلك، قد تشعر الشركات الكورية الجنوبية بضغط لتوسيع قواعد الإنتاج وإعادة تقييم مواقعها في السوق العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين. بالإضافة إلى ذلك، وبما أن سامسونج إلكترونيكس وSK هاينيكس يعتمدان بشكل كبير على الموردين الأمريكيين والأوروبيين للمعدات المتقدمة الضرورية لتصنيع الرقائق، فقد تؤدي التوسعات في العقوبات التجارية إلى تعطل تبني التكنولوجيا وكفاءة الإنتاج.

ليس من المؤكد بعد ما إذا كانت تصريحات ترامب ستتحول إلى تغييرات سياسية فعلية. نظرًا لأن قانون الرقائق قد تم تمريره من خلال الكونغرس الأمريكي، فلا يمكن إلغاؤه فورًا بقرار أحادي من الرئيس. وعلاوة على ذلك، هناك اعتراف واسع داخل الولايات المتحدة بأهمية تنمية صناعة الرقائق، مما يجعل من المرجح تعديل التشريع في شكل تقليل حجم الإعانات أو تعديل السياسات بدلاً من إلغائه بالكامل.
وسط هذا الغموض، تحتاج الشركات الكورية الجنوبية لصناعة الرقائق إلى تقييم المخاطر المرتبطة بالاستثمارات في الولايات المتحدة بعناية، ووضع استراتيجيات للاستعداد لمختلف السيناريوهات. ومع اشتداد المنافسة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، سيصبح تقليل الاعتماد على دول محددة وتوسيع قواعد الإنتاج أمرًا أكثر أهمية. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري مراقبة التغييرات السياسية في الولايات المتحدة باستمرار والتعاون الوثيق مع الحكومة وأصحاب المصلحة في الصناعة لوضع أفضل التدابير المضادة.
لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت تصريحات ترامب مجرد بلاغة سياسية أو ستؤدي إلى تغييرات سياسية فعلية. ومع ذلك، وبالنظر إلى الدور الكبير الذي تلعبه صناعة الرقائق في الاقتصاد العالمي، يجب على الشركات الكورية الجنوبية إجراء تحليل شامل للتغييرات المحتملة والاستعداد بدقة. وعلى وجه الخصوص، يجب على شركات مثل سامسونج إلكترونيكس وSK هاينيكس الاستجابة بسرعة للتغييرات التنظيمية في كل من الولايات المتحدة والصين وتعزيز تنافسيتهما التكنولوجية من خلال توسيع استثمارات البحث والتطوير (R&D) لضمان التنافسية على المدى الطويل.