قد لا يكون زميل الغد إنسانًا

جوجل وتسلا تسرعان من توسع صناعة الروبوتات

أعلنت جوجل وتسلا مؤخرًا عن استثمارات ضخمة في صناعة الروبوتات البشرية، مما يسرع من عملية تسويق تكنولوجيا الروبوتات. تسلا تعمل على تطوير الروبوت البشري “أوبتيموس” لأداء المهام مباشرة في المصانع، بينما تستثمر جوجل ما يصل إلى 675 مليون دولار (حوالي 9 تريليون وون كوري) في شركة الناشئة “Figure AI” المتخصصة في تطوير الروبوتات البشرية، مما يعزز دمج الذكاء الاصطناعي مع تكنولوجيا الروبوتات. ومع دخول شركات عالمية مثل NVIDIA ومايكروسوفت إلى هذه الصناعة، تتوسع إمكانيات استخدام الروبوتات بشكل كبير.

هذه الاستثمارات الضخمة ليست مجرد توقعات مستقبلية، بل تحركات تهدف إلى تغيير الهياكل الصناعية والتجارية الفعلية. تسلا تعمل على تطوير حلول روبوتية تدمج الأتمتة الإنتاجية مع تكنولوجيا القيادة الذاتية، متجاوزةً أعمالها التقليدية في مجال السيارات الكهربائية والطاقة، بينما تستكشف جوجل كيفية تمكين الروبوتات من التعلم الذاتي والتعاون بسلاسة مع البشر من خلال تقنياتها في الذكاء الاصطناعي. يمثل هذا اتجاهًا حاسمًا يمكن أن يسرّع من قدوم عصر تعايش الروبوتات مع البشر، متجاوزًا فكرة استخدام الروبوتات كأدوات فقط.

تسلا تكشف عن الروبوت البشري “أوبتيموس جين 2” (الصورة = تسلا)

إلى أي مدى وصلت الروبوتات البشرية؟

يزداد احتمال اندماج الروبوتات البشرية في الحياة اليومية والصناعات بشكل كامل. فالروبوتات لم تعد مقتصرة على مهام التجميع البسيطة في المصانع، بل أصبحت تلعب أدوارًا في مجالات مثل الخدمات اللوجستية، والرعاية الصحية، والتحليل القانوني، وإدارة الشركات.

على سبيل المثال، تستخدم بعض الشركات أنظمة الذكاء الاصطناعي كأدوات للمساعدة في اتخاذ القرارات الإدارية. في قطاعات التمويل والاستثمار، تساعد أنظمة التحليل القائمة على الذكاء الاصطناعي المدراء التنفيذيين من خلال معالجة البيانات وإنشاء نماذج تنبؤية، حيث تتبنى المزيد من الشركات الذكاء الاصطناعي في تخطيط استراتيجياتها. يبرز هذا الاتجاه كيف يتوسع دور الذكاء الاصطناعي من مجرد دعم الأعمال الإدارية إلى تحليل البيانات والمساعدة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.

علاوة على ذلك، تتبنى بعض شركات التكنولوجيا الحيوية روبوتات تجريبية لتسريع عملية تطوير الأدوية. من خلال أتمتة العديد من التجارب المتكررة التي كان الباحثون يجرونها يدويًا، تقلل الروبوتات من الوقت المطلوب لتطوير المرشحين للأدوية الجديدة، مما قد يؤدي إلى إحداث ثورة في صناعة الطب.

ومع ذلك، لا تزال تكنولوجيا الروبوتات تواجه بعض القيود. فعلى الرغم من قدرة روبوت “أوبتيموس” من تسلا على المشي ونقل الأشياء، إلا أنه يفتقر إلى مرونة الحركات البشرية ويواجه صعوبة في التكيف الفوري مع البيئات المعقدة. كما أن قدرته على التعبير عن المشاعر والانخراط في محادثات طبيعية لا تزال في مراحلها الأولية، مما يجعل من غير الواقعي توقع تفاعلات مماثلة لتلك التي يجريها البشر. وهذا يشير إلى أن الروبوتات من المرجح أن تلعب دورًا مساعدًا في مهام محددة بدلًا من استبدال البشر بالكامل.

وبينما يمكن استخدام الروبوتات بكفاءة في مجالات مثل الخدمات اللوجستية والتصنيع، تظل الأدوار البشرية ضرورية في قطاعات الخدمات والمهن التي تتطلب الإبداع. لا يزال التعاطف العاطفي والتفكير الحدسي في حل المشكلات من المجالات التي يتمتع فيها البشر بميزة كبيرة على الروبوتات. يثير هذا تساؤلات مهمة حول كيفية توزيع الأدوار بين الروبوتات والبشر في المستقبل.

(الصورة = Eddy & Vortex)

هل ستصبح الروبوتات شركاءنا الجدد في العمل؟

على الرغم من هذه القيود التكنولوجية، لا يمكن إنكار أن الروبوتات تعمل بشكل متزايد جنبًا إلى جنب مع البشر. فقد ظهرت روبوتات الذكاء الاصطناعي القادرة على التعرف على تعابير الوجه لتقييم مشاعر المستخدمين، بالإضافة إلى الروبوتات القانونية التي تقوم بتحليل المستندات القانونية والمساعدة في إعداد العقود، مما يوسع تدريجيًا نطاق أدوار الروبوتات.

تتسارع وتيرة تبني الروبوتات في البيئات الصناعية، لا سيما في الوظائف الخطرة أو تلك التي تتطلب أعمالًا متكررة، حيث تؤدي الروبوتات دورًا متزايدًا في استبدال العمالة البشرية. في اليابان وألمانيا، يجري بالفعل إدخال الروبوتات في قطاع التصنيع لزيادة الإنتاجية إلى أقصى حد، والهدف ليس فقط استبدال القوى العاملة، بل أيضًا إنشاء أنظمة عمل مستقلة تجمع بين الذكاء الاصطناعي والروبوتات.

إضافة إلى ذلك، يتم إجراء دراسات حديثة حول تدريب الروبوتات على تعلم أنماط اللغة البشرية لأداء أدوار خدمة العملاء. تختبر بعض الشركات أنظمة تجمع بين روبوتات المحادثة القائمة على الذكاء الاصطناعي والروبوتات البشرية الفعلية لتحل محل مراكز الاتصال، مع التركيز على تحليل نغمة صوت العملاء وأسلوب حديثهم لتوفير استجابات أكثر طبيعية.

بالنظر إلى الاستثمارات الضخمة والتطورات التكنولوجية السريعة التي تقودها شركات مثل تسلا وجوجل، تزداد احتمالية العمل جنبًا إلى جنب مع الروبوتات في المستقبل. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني استبدال العمالة البشرية بالكامل، بل يشير إلى خلق بيئة عمل جديدة حيث يتعاون البشر والروبوتات من خلال الاستفادة من نقاط قوتهم المختلفة.

هل نحن حقًا مستعدون لقبول الروبوتات كزملاء في العمل؟ أم أن اللحظة التي ستتفوق فيها التكنولوجيا علينا قد اقتربت؟




لا توجد مقالات.
error: Content is protected !!